أم عبدو السودانية سيدة من السودان تزوجت وهي قاصر من رجل سوري يكبرها سناً وعنده أطفال (عمل فترة في السودان) عادت معه إلى سورية للعيش في مدينة حلب حيث البيئة مختلفة والعادات والتقاليد ونمط الحياة اهتمت أم عبدو بأطفال زوجها الستة وكأنهم أطفالها وأنجبت من زوجها خمسة أطفال لم تميز بيننهم في أي شيء استطاعت أم عبدوا بحضورها وشخصيتها المتميزة أن تكسب احترام وحب الجيران في منطقتها بمدينة حلب وأصبح بيتها ملتقى السيدات في المنطقة ومن يستمع للكنة أم عبدو يحسبها حلبية فهي تتكلم اللهجة الحلبية تماما
مع تصاعد الأعمال العسكرية في مدينة حلب في نهاية عام 2012 لجأت أم عبدو السودانية مع عائلتها إلى تركيا مثل عشرات الألوف ممن خرجوا من بيوتهم طلباُ للأمان وصلت الى مخيم للاجئين على الحدود والذي قصده السوريين من مختلف المناطق
خيمت أم عبدو وطوال إقامتها في المخيم على مدى سنة كان المخيم بمثابة سورية المصغرة، خيمة أم عبدو خيمة يجتمع بها كل النساء من مختلف المحافظات تقدم لهم المشورة والنصح وتخفف عنهم معاناة اللجوء وظروفه القاسية تساعدهم في التغلب على ظروف الحياة القاسية في المخيم لما تميزت به من روح فكاهة وشخصية طيبة وقوية بنفس الوقت
انتقلت أم عبدو بعدها الى منطقة شعبية فقيرة في مدينة غازي عينتاب استطاعت بشخصيتها الجذابة وطبعها المحب للناس أن تجمع حولها الجيران من السوريين وحتى الاتراك حيث كانت تقوم على خدمة كل سوري يأتي جديد الى المنطقة للمساعدة وتامين بيت للسكن وأحيانا تأمين عمل للنساء في البيوت
أصبح بيت أم عبدو السودانية مركز تجمع ولقاء لنساء أهل الحي فهي تساعدهم في حل مشاكلهم فالكثير منهن تحكي لها مشاكل العنف التي تصارعهن مع أزواجهن ويقضون معها أوقات مرح تخفف قساوة الغربة والحياة
عفاف جارة أم عبدو سورية والتي لها زوج من ذوي الاحتياجات الخاصة تقول عن أم عبدو إذا ضاقت الدنيا بنا ما إلنا الا أم عبدو
أم عبدو السودانية من السيدات التي استهدفتها جمعية زنوبيا في مشروع بيوت من أجل السلام الذي يستهدف رفع وعي النساء في المناطق المهمشة بمفاهيم ومعارف تساهم في أن تكون السيدات فاعلات في بناء السلام
من تلك الشخصيات أم عبدو السودانية التي أطلق عليها لقب المختارة لما لها من تأثير وفاعلية في حارتها وهي التي قبلت استضافة النساء في بيتها لمتابعة الجلسات والتدريبات شاركت أم عبدو في جميع الفعاليات والجلسات المنزلية التي نفذتها جمعية زنوبيا وفي جلسة الجندر والمساواة بين الجنسين كانت من النساء الفاعلات التي عكست المفاهيم التي تلقتها في حياتها العامة وفي التعامل مع النساء في بيتها كما شاركت أم عبدو السودانية هي و زوجها في أحد اللقاءات المفتوحة وكان تأثيرها على زوجها في تقبل مفاهيم المساواة وتقبل دور النساء الفاعلات في المجتمع واضح كما أن تأثيرها في أولادها وخاصة في تعاملهم مع زوجاتهم انعكس ذلك في مشاركة زوجاتهم في الأنشطة واللقاءات التي تنفذها جمعية زنوبيا
دور أم عبدو السودانية محوري في مشاركة نساء الحي في الجلسات التي تقدمها لهم جمعية زنوبيا واللقاءات المفتوحة وتشجيعهم على التعلم وتلقي المفاهيم الجديدة عليهم نسبياً وتطبيقها على عوائلهم
اجتاحت كورونا العالم وأطلقت جمعية زنوبيا مع بيوت من اجل السلام برنامج توعية بمخاطر وباء كورونا وضرورة التباعد الاجتماعي وخاصة أن جميع بيوت من أجل السلام في مناطق شعبية مكتظة بالسكان حيث تطبيق التباعد الاجتماعي فيه صعب
أم عبدو السودانية الشخصية الحرة المنطلقة كانت من المستهترتين بفكرة الحجر المنزلي ورفضت فكرة التباعد الاجتماعي واستمر بيتها ملتقى للنساء في الحارة وتابعت روتين الحياة مع جارتها كل يوم لقاءات وجلسات وكيف لا وهي المرأة الاجتماعية التي تتميز بذلك وتعتبرها نقطة قوتها
خلال جلسات (التي تمت اونلاين) حملة التوعية بوباء كورونا وجلسة المواطنة الفاعلة والمسؤولية المجتمعية أدركت أم عبدو السودانية أهمية دورها في الوسط المحيط وضرورة الأخذ بأسباب الحماية والوقاية من باب المسؤولية الشخصية والمسؤولية المجتمعية تعزز ذلك خلال شرح الميسرات أمثلة عن إصابة عائلة بفيروس كورونا انتقل لهم من أحد الأقارب ومعاناة العائلة وشددت على مخاطر عدم الالتزام بالحظر المنزلي
بعد الجلسة مباشرة قالت أم عبدو انها لن تستقبل أحد في بيتها وسوف تلتزم بالحجر المنزلي ودعت السيدات لاتخاذ إجراءات الوقاية والحماية لمواجهة وباء كورونا وقامت بحملة تنظيف للحارة هي وسيدات الحارة لكي تساهم في حملة الوقاية والحماية، ولدى متابعة سلوك جارات أم عبدو لاحظنا اتباعهم لما قررته أم عبدو والتزامهن هن أيضا بالحجر
المختارة أم عبدو السودانية إحدى سيدات بيوت من أجل السلام هي الآن في الحي الشعبي نموذج وقدوة في الالتزام بمعايير الحماية والوقاية وهي نموذج للمواطنة الفاعلة والتي تتحمل مسؤوليتها اتجاه عائلتها والمجتمع المحيط بها كما أنها نموذج للتأثير في قريناتها باعتبارها مؤثرة مجتمعية يقع على عاتقها التغيير المجتمعي المنشود
حرر في تاريخ 20/04/2020